انفصال غير رسمي عن دمشق معضلة السويداء تزداد تعقيداً سوريا عامر علي الخميس 4 أيلول 2025 تمثّل الحال التي وصلت إليها ال
انفصال غير رسمي عن دمشق: معضلة السويداء تزداد تعقيداً
سوريا
عامر علي
الخميس 4 أيلول 2025
تمثّل الحال التي وصلت إليها السويداء تجسيداً فعلياً ومباشراً للرهان على إسرائيل، سواء من قبل السلطات السورية الانتقالية التي لا تزال مستمرّة في مساعيها للانفتاح على تل أبيب، أو من قبل الإدارة الحالية (الذاتية) للمحافظة ذات الأغلبية الدرزية، والتي تتمسّك بالانفصال بدعم من إسرائيل، بعد أن شهدت مجازر راح ضحيّتها مئات المواطنين على أيادي الفصائل التابعة أو الموالية للسلطات الانتقالية.
وبين استثمار موقف السويداء والمجازر التي شهدتها لمدّ النفوذ في الجنوب السوري، وعدم إغلاق الباب أمام السلطات الانتقالية، تؤدّي تل أبيب دوراً محورياً في زيادة تعقيدات المشهد بما يهيّئ الأرضية المناسبة لتغيير الخريطة السورية، التي دخلت مرحلة حرجة في ظلّ حال الاستعصاء التي تعانيها معظم الملفات العالقة، بما فيها ملف «الإدارة الذاتية» الكردية في الشمال الشرقي، والدروز جنوباً، والعلويون في وسط البلاد وغربها.
السلطات الانتقالية التي يبدو أنها تراهن على الوقت، عبر محاولة تبريد ملف السويداء والحفاظ على حالة «ستاتيكو» في انتظار الوصول إلى اتّفاق ما مع إسرائيل، برعاية أميركية – فرنسية، في أثناء اجتماعات باريس المتواصلة، ساهمت، عبر سياستها الحالية، وعدم المبادرة نحو إيجاد قنوات تواصل مباشرة وحقيقية مع أبناء السويداء، في منح تل أبيب الوقت الكافي لدعم بناء هيكلية إدارية للمحافظة، التي باتت تملك جيشاً (بعد توحيد الفصائل المحلّية الدرزية تحت مسمّى الحرس الوطني)، وإدارة عدلية وتنظيمية تؤسّس لانفصال تام عن العاصمة.
وفيما لم يعُد يربط الأخيرة بالسويداء إلّا ممرّ المساعدات الأممية (طريق دمشق – السويداء)، قد يقطع هذا الرابطَ نجاحُ تل أبيب في فتح طريق يصل السويداء بالأراضي السورية المحتلة، بذريعة وصل مناطق الدروز، الأمر الذي يتولّى شيخ عقل الطائفة الدرزية في إسرائيل، والمقرّب من الحكومة الإسرائيلية، موفق طريف، مهمّة تعويمه في أثناء جولة مكّوكية في أوروبا لشرح «المظلومية الدرزية» ونقل صورة عن المجازر التي تعرّض لها الدروز على أيادي السلطات الانتقالية في دمشق.
بدأت وسائل إعلام مرتبطة بالسلطات الترويج لتحميل مسؤولية أحداث السويداء للدالاتي
وفي وقت تحاول فيه السلطات الانتقالية إظهار تمسّكها بالسويداء، عبر تأمين طريق السويداء – دمشق في محاولة لفرملة مشاريع فتح طرق أخرى نحو المحافظة، يُظهر السلوك الذي تنتهجه تمسّكاً بفكرة الإدارة المركزية، المرفوضة من قبل فاعليات السويداء. كما تحرص السلطات على فتح بعض قنوات التواصل المحلّية مع أطراف محدّدة مضمونة الولاء، وتعويمها على أنها الممثّل الحقيقي للسويداء، من مثل ليث البلعوس، مقابل استمرار الحملة على شيخ عقل الطائفة الدرزية، حكمت الهجري، وتحميله مسؤولية ما آلت إليه المحافظة.
وفي ظلّ استمرار انكشاف الجرائم التي تعرّض لها أبناء السويداء، وفي محاولة من قبل السلطات الانتقالية التي يقودها أحمد الشرع للتنصّل من هذه الجرائم، بدأت وسائل إعلام مرتبطة بالسلطات الترويج لتحميل مسؤولية ما جرى للقائد الأمني للسويداء أحمد الدالاتي، الذي تمّ تسليط الضوء عليه، في أثناء المدّة الماضية، بشكل كبير، باعتباره المدبّر والمنفّذ لهجمات السويداء، قبل أن يتمّ نقله إلى محافظة ريف دمشق وتعيين مسؤول آخر عوضاً عنه.
وكان المسؤول الجديد الذي جرى تعيينه، وهو حسام طحان، قد تولّى مسؤولية مديرية الأمن الداخلي التابعة للسلطات الانتقالية في السويداء، وأدّى دوراً بارزاً في أحداث أشرفية صحنايا وجرمانا، في نيسان الماضي، بعد أن تعرّض الدروز الذين يعيشون في هذه المناطق لهجمات عنيفة مدفوعة بخطاب طائفي، مهّدت لهجمات لاحقة تعرّض لها هؤلاء في مختلف المناطق، وانتهت بالهجوم على السويداء. وفي أثناء هذه الأحداث، أدّى طحان دوراً في قيادة بعض الهجمات؛ إذ تمّ توثيق عملية استيلاء على سيارة فارهة من مدينة أشرفية صحنايا (سيارة من نوع هامر)، قام بضمّها إلى موكبه، الأمر الذي أثار جدلاً واسعاً حاولت وزارة الداخلية امتصاصه عبر دعوة صاحب السيارة إلى استلامها، وهو ما لم يتمّ تنفيذه حتى الآن.
وبينما حاولت السلطات عبر حركة التنقّلات الجديدة ترسيخ حالة «الستاتيكو» في السويداء، تسبّب تعيين طحان بردّة فعل غاضبة جديدة في الأوساط الدرزية، التي رأت في هذا التعيين استفزازاً جديداً، ما يعني فعلياً زيادة الفجوة التي خلقتها السلطات مع المحافظة الواقعة جنوبي البلاد، والتي يبقى مصيرها، بسبب تزاحم الأطراف على أبواب تل أبيب، محكوماً برغبة إسرائيل وتفضيلاتها.
ان ما ينشر من اخبار ومقالات لا تعبر عن راي الموقع انما عن رأي كاتبها